الفصل الثامن
الدين
لا شك بأن محمد عليه الصلاة والسلام رسول الله هو الأحق بحب الناس لأن الله إختاره ليكون مرساله وأعطاه من الكرامات ما لم ينالها مخلوق بشري آخر لذلك أنا أحبه, بينما مند صِغري لم يكون هو إختياري.. لقد كنت أحب خليل الله إبراهيم عليه السلام.. إلى أن أسلمت لله وكل ما يريد حباً له.. فإضطررت أن يكون محمد رسول الله الأول بعد حب الله في قائمة توجه محبتي.. لقد كانت قائمة من أحب بالترتيب: الله ثم إبراهيم ثم محمد يليهم أحباب آخرين.. لكن تغير الترتيب بعد أن تجلت الصورة أمامي ولله الحمد أخيراً وأصبح الترتيب: الله ثم محمد.. فقط.
لقد أحببت إبراهيم في البداية لأنه كان يمثل ما مررت به في صغري.. لقد كان لمَّاحاً ذكيَّاً مفكراً وكنت كذلك.. لقد أنكر عبادة قومه ونجَّاه الله من عقابهم له.. قبل أن أبلغ كانت لدي أفكاراً كثيرة أراها مغلوطة عند قومي.. لكني طفل ومن الذي سيستمع لي ويتماشى بفكره مع فكري ليستوعب أفكاري.. لم يكن أحداً يعترف بالجانب الآخر من الإنسان.. وبالإنسان أحياناً ليعترف أحداً بي وبفكر طفل, لقد كنت أرى أحكاماً مباحة وحرمَّوها رجال دين بلدي وكنت سرَّاً أبيحها على نفسي لأن قلبي يفتيني بذلك, أما في تلك الأحكام التي حللتها على نفسي بالتأكيد لم أتحدث عنها جهراً ولكن يطمئن قلبي لأن كل حكم بعد سنواتٍ قليله يبدأ رجال دين الدوله يختلفون فيه فمنهم يحلله ومنهم يستمر ويصر على تحريمه.. لا أعلم لماذا ربما مكانته جعلته يستغل سلطته !! وبالحديث عن ذلك لا يزال ذلك قائماً.. ولن يزول الجهل أبداً حسب ما يشير إليه ديني المؤمن بأكثر من حذافيره, وبالحديث عن هم طفولتي أتذكر مرة سألت فيها مدرس الدين أن إذا تثاوبت وأنا أصلي ماذا أفعل ؟ فأجابني بطريقة هجوميَّة أن أضع ظهر يدي اليسرى على فمِّي فأجبته لأتأكد.. يدي اليسري ؟ ففتح عيناه وجعلها واسعة وأومأ برأسيه بإشارة تعني نعم وهو يقول اليسار.
هكذا هي حكمة الله التي لا يوجد بشراً يعرف مراده منها.. ويعتقد رجال دين الدولة التي أنتمي لها أنهم يعرفونها حق المعرفة.. بل وتعاقب الدوله من يختلف معهم فيها وسيكون منبوذ, إن ديني لكي تؤمن به عليك القيام بعدة أمور جداً بسيطة على الإنسان.. أولاً تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وقدره خيره وشره.. بعد ذلك تأتي العبادات الفعليَّة وهي أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله والصلاة والزكاة والصيام وأن تحج إلى بيت الله إن إستطعت.. علمنا ذلك رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام قبل ألف وأربعمئة عام ويزيد.. وبدأ الناس يتداولونها إلى اليوم.. وحفظ الله كتابه القرآن الكريم من التحريف لكي يتبين للناس واجباتهم وما عليهم وما لهم.
لكن تداوله بعضهم بطريقة خاطئة.. فبعضهم لم يحرف من القرآن شئ لكنه يبين للناس المعنى الذي يصب ويجري في مسار مصلحته فإختلف الناس في الأحكام, وقد تبنَّت الدولة نقل الدين لشعبها لكن بأحكام تخدمها بشكل غير مباشر.. غير أن ناقلين الدين كان يُظلَّهم الجهل تحت سقفه كذلك.. ورجال الدين كانوا يساعدون على نقل الدين لكن ليخدموا مصلحتهم بطريقة غير مباشرة وينالو مكانةً عُليا, ونالوا ذلك وللأسف كان ضحيَّت ذلك شعبها.
لم أكن أستمع لآرائهم وأعتقد بها.. لقد كنت منذ صِغري أستمع لأوامر الله من كتابه الكريم ثم أعود لأقوال المفسرين ثم أفكر لأخرج برأي سوي ومراد أظنُّه مراد الله الذي لا يخدم أحداً سواي وحكم لو إتبعه الناس سيكونوا أقاموا الدين بما يرضى الله وستسير كل أمورهم على خير ما يرام, وأتى ذلك اليوم الذي أكَّد فيه خالي رأيي بأن قلَّةً من يفهمون ويقيمون الدين بشكل صحيح حين كنت معه في السيارة وكان يتحدث إليَّ وهو يقود وأشار أحد المارين بنور بمركبته أنه يريد الإنعطاف لمسار الجهة الأخرى فقام خالي بتهدأة السرعة لتمر مركبته.. وقال هذا هو الدين.. لا يوجد أحد في عصرنا يفهمه إلا القليل.. عليَّ أن أخدم الناس كما أحب أن يخدموني ولو قام بذلك كل الأشخاص بضميرهم لكي يرضى الله عنه ستكون الدنيا بخير.. وزيادة على أمراً سيسمح الله له أن يتم لي سيأجرني بحسنات أريدها في الدنيا والآخرة.
إن الدولة التي أنتمي لها يحق لأي شخص أن يحمد الله على إنتمائه لها.. لكن للأسف لأن الشعب لا يزال متمسك بثقافة قديمة ولا يريد ترك تلك العادات المتخلفة والتي يتمسك بها فقط لأن عائلته تقوم بذلك فورث تلك الثقافة عنهم معتقداً أنها أحق ثقافة وتحديث فكره مع تقدم العصور هو أكبر غلطه فيتمسك أكثر بمعتقدات آبائه لأنه يعتقد أن ترك تلك الثقافة تخلّي عن الإنسانية ولا يعلم أنه بها يقتل ألف شخص بطريقة غير مباشرة !!, تلك الثقافة لم يكن يتمسك بها الشعب فقط.. هذا ما قاد المفكرين لرؤية الدين مجرد لعبة يقضي بها كل شخص مصلحته ليحقق مبتغاه.. ولا يزال الأغلبية العظمى متمسكين بذلك المعتقد إلى اليوم.
إن الدين اليوم يحدد خطاه رجالاً مثل أي رجال.. وهذه النقطه التي لا يريد أصحاب المناصب الإعتراف بها للحفاظ على مكانتهم, إن الدين ليس أبداً أن توكل رجال يركضون خلف الناس يخيفونهم لكي يعبدون الله.. بل الدين هو أن تحب الله وما يملك وتعبده لذلك بقدر حبك له.
إن الدين ليس كما يظنه الجميع.. بل أسهل بكثير, إن ما علَّمته مدارسنا لنا هو سنة النبي محمد عليه الصلاة والسلام لكنهم علمونا أنها واجبات مفروضه ولا يصح ولا تقبل العبادة إلا بها.. لأن آبائهم علموهم ذلك, لذلك هي في نظرهم واجبات !! من يريد البحث سيجد الطريقة الصحيحة والمبسطة أكثر وله أجر ذلك ومن يتبع خطاهم سيكون كأنه عبدهم ولم يعبد الله.. إن ما علمتنا إياه مدارسنا نعمة ولولاها لكان الوضع حالياً أسوأ بكثير.. لا شك بأن السوء سيزداد في تفاقمه كلما مررنا بيوم جديد ولكن سيزداد سهولةً إن مارسنا عبادتنا بشكل مبسط أكثر.